تقرير | المشروع الوطني الأزوادي ( تقرير المصير ) نظرة عبر التاريخ | 14 أبريل 2017




بدأت مسيرة نضال الشعب الأزوادي بقدوم الإستعمار الفرنسي نهايات القرن التاسع عشر الميلادي حيث انطلقت الكثير من الحركات الوطنية الأزوادية التحررية المقاومة للاستعمار ففي المنطقة الغربية انطلقت المقاومة (غرب تنبكتو) بقيادة (شبون أق أفندقوم)، ومحمد علي (إين قونا) الأنصاري؛ ثم مقاومة (كل أولي) و (كل تموليت) و (إقودارن) وسط أزواد بين (تنبكتو) و (جوجو)؛ ثم مقاومة (أربندا) جنوب النهر بقيادة (محمد أحمد الجنيدي) وعدد من القادة الميدانيين من (إمددغن)؛ ثم مقاومة منطقة (آقلا _منكا) بقيادة السلطان (فهرن أق الأنصار)؛ ثم مقاومة منطقة (آضغاغ _كيدال) بقيادة (آلا أق البشير) وغيرها من الحركات الوطنية الأزادية التحررية المناهضة للاستعمار والتي قادها أبطال وطنيون قاوموا الاستعمار بالقوة وضحوا بكل ما يملكون لإنقاذ الوطن فسطر التاريخ أسماءهم بحروف من ذهب..

وبعد هبوب رياح الإستقلال بعد الحرب العالمية الثانية بدأ النضال السياسي لطرد المستعمر الغربي ونيل الإستقلال وقد انطلقت في هذه الفترة حركات انفصالية أزوادية بقيادة مناضلين وقادة سياسيين وطنيين من أبرزهم (محمد محمود الأرواني) و (محمد علي الطاهر الأنصاري) و (زيد أق الطاهر) و (إلياس أق أيوبا) و (سيدالمين أق الشيخ).

وقد ركز نضالهم على الجانب السياسي حيث عقد مؤتمر (تنبكتو) الأول عام  1957م ثم المؤتمر الثاني بنفس المكان عام 1958م ومن خلال هذين المؤتمرين وقع قادة برلمان أزواد الشعبي الوطني عريضة تاريخية وجهوها لدولة فرنسا طالبوا فيها بمنحهم الاستقلال لدولة أزواد المستقلة؛ رافضين الإنضمام إلى اتحاد ما سمي (بالسودان الفرنسي) مع شرح مفصل لأسباب ذلك الرفض بالحقائق التاريخية والثقافية والجغرافية.

وبعد حصول النكبة عام 1960م بتمكين مالي من احتلال أزواد بسبب تحالف الحركة الاشتراكية الشيوعية الدولية بزعامة (عبد الناصر و موديبو كيتا وبن بيلا) وحلفائهم؛ وباءت كل المحاولات والجهود السلمية بالفشل في الستينات؛ انطلقت المقاومة المسلحة ضد الإحتلال الشيوعي بقيادة (زيد أق الطاهر) و (محمد علي الطاهر الأنصاري) و (إلياس أق أيوبا) و (سيدالمين أق الشيخ) وغيرهم؛ وقد تعرضت هذه الحركة التحررية للقمع بأبشع الطرق وحوصرت من الطوق الاقليمي بشدة؛ حيث تم استدعاء أؤلئك القيادة الوطنيين للتفاوض فتم القبض عليهم غدرا وقيدوا بالسلاسل وتم إرسالهم لباماكو حيث زجوا في السجن وكان ما كان.

وشحذت هذه النكبة همم الوطنيين الأزواديين وواصلوا مسيرتهم التحررية ولجأوا لنظام القذافي في ليبيا والذي وعدهم بالدعم وفتح معسكرات التدريب والتحق الأزواديون بتلك المعسكرات وتم خداعهم واستغلالهم وخاضوا حروبا بالوكالة لا ناقة لهم فيها ولا جمل في (تشاد) و (لبنان) في فترة الثمانينيات؛ وقد استفادوا من تلك التجارب ميدانيا.

 وبعد أن يئسوا من وفاء القذافي بوعوده لهم قرر بعض الوطنيين الأزواديين التوجه لوطنهم فورا واستطاعوا تفجير ثورة التسعينات والتي انطلقت من مدينة (منكا) عام 1990م؛ وكانت ثورة سياسية وعسكرية وثقافية أحيت الآمال وشحذت الهمم ولكنها حوصرت عالميا مرة أخرى وانتهت هذه الثورة بمصالحة صورية تم توقيعها في الجزائر تحت ضغط إقليمي ودولي؛ ومع ذلك تحققت انجازات كبيرة غير مسبوقة، حيث تم توقيع اتفاق سياسي برعاية دولية شكلية لأول مرة، وتم دمج آلاف الآزواديين في مختلف مؤسسات الدولة المالية صوريا؛ خاصة في الجانب العسكري، ولكن نتيجة لعدم جدية الطرف المالي فشل تطبيق معظم بنود تلك الاتفاقية خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية.

ورغم أن الشعب الأزوادي وشريكه المالي وأشقاءهم في الدول المجاورة علقوا الأمال على هذه الاتفاقية وعاد الهاربون من الحرب للوطن للاستقرار بعد أن أنهكتهم هذه الحروب المدمرة الاستنزافية إلا أن التوتر تصاعد مجددا بين الحكومة المركزية في باماكو وبين الأزواديين تدريجيا واشتد الخلاف حول ما لم يتم تطبيقه من الاتفاقية إلى أن انفجر الوضع عام 2006م؛ واستمر التوتر في المنطقة حتى ميلاد (الحركة الوطنية الأزوادية) في اجتماع تنبكتو عام 2010م والتي سميت لاحقا في اجتماع ظاكاك عام 2011م (الحركة الوطنية لتحرير أزواد) (امنلا)..

وقد صعدت هذه الحركة مطالبها هذه المرة لتطالب بانفصال أزواد عن مالي بشكل نهائي حيث رأت من ذلك حلا نهائيا ووحيدا للمشكلة القائمة بين الشعب الأزوادي والمالي منذ أكثر من نصف قرن من الزمان؛ كما ارتأت أن هذا المطلب الوحيد الذي سيضمن للشعب الأزوادي تحقيق مطلبه الأزلي (تقرير المصير) ويضمن كذلك الاستقرار لمنطقة الساحل.

وقد استطاعت هذه الحركة الانفصالية مع حركات أزوادية تحررية أخرى تحرير أرض الوطن بالكامل وأعلنت الاستقلال وقيام دولة أزواد المستقلة في يوم 6 أبريل عام 2012م في مدينة (قاوا)؛ ولم تقف عند ذلك بل صممت علمها الوطني الخاص وشكل عملتها الخاصة وجواز السفر الخاص بشعبها؛ وشكلت حكومتها كاملة بوزرائها وأجهزتها، ووقف العالم كله مندهشا من هذه الخطوات المتسارعة أو المتسرعة، ورغم أن دول العالم كلها أعلنت عدم دعمها لهذا القرار إلا أن الشعب الأزوادي عنده رأي آخر؛ فقد عمت الفرحة أرجاء الوطن احتفاء بهذا الفتح العظيم حسب نظرتهم للأمور واتخذوا هذا اليوم عيدا وطنيا لهم كما الشعوب المستقلة.




 ولكن فرحة الشعب الأزوادي لم تدم طويلا؛ حيث تكالبت جيوش الاستعمار مجددا، واجتاحت أزواد وانتزعته من شعبه مرة أخرى؛ وأخضعت قادة الحركات الأزوادية بالقوة وألزمتهم بتوقيع اتفاقية و(قادقو) ثم اتفاقية (الجزائر) الأخيرة؛ وفي هذا الخضم وصلت القضية الأزوادية إلى كل المحافل الدولية وإلى أعلى هرم للتنظيم الدولي (مجلس الأمن) واستطاع الشعب الأزوادي انتزاع كثير من حقوقه الوطنية من خلال هذه الاتفاقية إن تم تطبيقها؛ وإن لم يتم تطبيقها فإن هذا الشعب وقياداته الوطنيين المخلصين متمسك بقضيته وبحقه حتى (تقرير  المصير) أكثر من أي وقت مضى حسب تصريحات قادته الوطنيين..

وفي يوم 6 أبريل من هذا العام 2017 م وقف أبناء الشعب الأزوادي في الداخل والخارج وقفة رجل واحد في كافة مناطق أزواد وفي جميع دول العالم التي يقيمون فيها ينشدون اناشيدهم الثورية ويرفعون اعلامهم الوطنية ويرسمون رموزهم الانفصالية وينصبون نصبهم التذكارية التي تذكرهم بما يعتبرونه يوما وطنيا لهم.

مستغفلين حكومة مالي وغرماءها السياسيين من القادة المتنفذين للحركات الأزوادية المسلحة المشغولين بالتفاهم حول الشكل النهائي لمجسم كعكة المصالحة الأخيرة وتحديد حصة كل طرف نافذ منها بعد التخلص من الخصوم الضعفاء الذين يتغنون بأمجاد الماضي ويعلقون آمالهم على ما تبقى لشركائهم من المباديء والقيم المتعلقين بقشة الأعراف القومية والمواثيق الإنسانية والمعاهدات الدولية؛ وبعد إرضاء أو إخضاع الأقران الانفصاليين الحالمين (بتقرير المصير) وإسقاط كل رياتهم.

وقد وقف جزء كبير من الجيش الوطني الأزوادي حاميا وداعما لإرادة شعبه وبرهن على ولائه المطلق للشعب بالقيام باستعراضات عسكرية أمام النساء والأطفال وسط هتافات الجماهير المبتهجة.

وكان ما كان...والله غالب على أمره.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)